نظرة على تاريخ بي إم دبليو:
تأسست هذه الشركة في ال 7 من آذار من العام 1917 على يد المهندسين كارل راب، فرانز جوزيف بوب، والمصرفي النمساوي كاميليو كاستيغليوني. يقع مقر الشركة في مدينة ميونخ في مقاطعةِ بافاريا. ويعتبر النطق الصحيح لهذه العلامة هو بي إم فيه حيث تسمى في الألمانية Bayarische Motor Werke (بياريشيه موتور فيركيه) أي مصنع العربات البافارية.
وقد اشتهرت بصناعة محركات الطائرات سابقاً، حيث بدأت الشركة في صناعة محركات الطائرات، وانتقلت بعدها لصناعة السيارات ذات الأداء العالي، والسيارات الفارهة، والسيارات الرياضية متعددة الأغراض، بالإضافة للدرجات النارية. وتحتوي محفظة الشركة على أشهر العلامات التجارية في مجال السيارات مثل علامتي رولس رويس وميني التجاريتين البريطانيتين. وتعتبر الشركة رابع أكبر مصنع للسيارات في العالم.
تاريخٌ طويلٌ في مجال محركات الطائرات:
كما ذكرنا مسبقاً فقد بدأت الشركة في مجال محركات الطائرات، حيث انتجت بي إم دبليو أول محرك مكبسي سداسي الأسطوانات على شكل خطي وبعامود كامات منفرد، وتبريدٍ بالماء انتج قوةً تقدر ب 138 كيلو واط تحت مسمى أيه 3 (IIIa)، حيث فاق في ذلك أداء محرك مرسيدس دي ثلاثة (D.III) ذو ال 129 كيلو واط، تم تركيب المحرك على طائرات فوكر دي ستة التي استخدمتها أشهر أسلحة الجو في العالم أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها منها سلاح الجو في الإمبراطورية الألمانية، سلاح الجو في الإتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية.أثبت المحرك فعاليةً عاليةً جداً فاقت كل طائرات الحلفاء.
أصدرت بي إم دبليو كوكبةً من محركات الطائرات ذات الستة مكابس منها بي إم دبليو 4 (BMW IV) في عام 1918 بقوةِ 180 كيلو واط بتبريدٍ مائيٍ تم استخدامه على طائراتٍ ألمانيةٍ عديدةٍ منها دي إف دبليو سي.في الاستطلاعية.
استمرت الشركة بإنتاج محركات الطائرات حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث انتهت الحرب بتوقيع ألمانيا معاهدة فيرساي، التي فرضت عليها تجريدها من سلاح الجو وتقليص جيشها إلى 100,000 جندي، وتعويضاتٍ نقديةٍ هائلة. لتظن بي إم دبليو أنها قد انتهت، لكن لم ينتهِ الأمر بعد!
عانت ألمانيا من عقابيل الحرب العالمية الأولى من كسادٍ اقتصادي، وعجزٍ ماليٍ هائل، أدخل الشعب في دوامةِ يأسٍ كبير بانتظار من يخرجه منها، وكان أدولف هتلر هو الأمل. بعد صعود مستشار الرايخ الثالث إلى السلطة (أدولف هتلر) بدأ ببناء جيشٍ قوي تمهيداً للحرب العالمية الثانية، التي سيستعيد فيها كرامة الشعب الألماني، منتهجاً مبدأً قتالياً كان أحد أعمدته الطيران الحديث، وهنا كانت بي إم دبليو أول من لبى النداء.
ساهمت بي إم دبليو في بناء محركات طائراتٍ قوية ومتميزةٍ مثل بي إم دبليو 801 النجمي ب 14 أسطوانة تم استخدامه على طائرات فوكيه وولف 190 (FW 190)، حيث تمكن المحرك من دفع الطائرة إلى سرعاتٍ وصلت إلى 685 كيلومتر بالساعة.
صورة لمحرك بي إم دبليو 801 الذي تم استخدامه على طائرة فوكيه وولف 190
وقد تم استخدام المحرك نفسه بتعديلٍ بسيطٍ، حيث تضمن وضع شاحن توربيني لزيادةِ أداء المحرك على طائرة فوكيه وولف تي أيه 152 وقد وصلت الطائرة لسرعاتٍ بلغت 760 كيلومتر بالساعة حيث فاقت نظيرتها الأمريكية بي 51 موستانج التي وصلت لسرعات بلغت 703 كيلومتر في الساعة.
دعونا لا ننسى محركات بي إم دبليو 6 (BMW VI) بإثني عشر مكبس وتصميمٍ مستمد من أول محرك (IIIa)، ويعمل المحرك بتبريد الماء، والحقن المباشر للوقود بقوة 740 كيلو واط. تم استخدام المحرك على طائرات هاينكل 111 القاذفة، وقد دفع المحرك بالطائرة بحملها الأعظمي الذي بلغ 14 طن لسرعاتٍ وصلت إلى 410 كيلومتر بالساعة، بالإضافة لمحركاتٍ أخرى شديدة التطور مثل BMW 003 العنفي.
فيديو يظهر تشغيل محرك بي إم دبليو 6 على سيارة تم تسميتها بالوحش إنها فعلاً الوحش!
استمرت الشركة بانتاج محركات الطائرات حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم تسوية مصانعها مع أرض لتكون بذلك نهاية حقبة الطيران بالنسبةِ لها.
للتعرف على أجزاء المحركات المكبسية يرجى زيارة صفحة المحركات المكبسية في منصة مساحة وعي.
سيارات من انتاج بي إم دبليو مشوارٌ طويل مليئ بالمغامرات والتنافس:
دخلت بي إم دبليو في مجال صناعة السيارات عام 1928 بعد شراءها مصنع أيسناخ لإنتاج السيارات، حيث كان ينتج عربات أوستن سبعة تحت ترخيص علامة ديكسي للسيارات. تم تسويق سيارات ديكسي تحت مسمى بي إم دبليو 15/3، استمرت الشركة بانتاج السيارات تحت مسمى بي إم دبليو حتى العام 1944 إلا أنه كما ذكرنا سابقاً حال تسوية مصانع الشركة مع الأرض دون الاستمرار في انتاج السيارات نتيجةً لإسهامها في المجهود الحربي الألماني.
تم إعادة تسويق سيارة ديكسي تحت مسمى بي إم دبليو 15/3 لتكون بذلك أول سيارة ل بي إم دبليو
نتيجةً لذلك عانت الشركة من مصاعب ماليةٍ كثيرة حيث تم منعها من صناعة أياً من محركات الطائرات، أو حتى صناعة السيارات كرد فعلٍ انتقاميٍ، لذا انتقلت بي إم دبليو من تصنيع محركات الطائرات والسيارات إلى تصنيع الأواني، الدرجات، وقدورٍ للطبخ لكي تنجوا من الإفلاس، لكن عادت إلى تصنيع السيارات فقط في عام 1948، حيث صنعَّت سياراتٍ بأسعارٍ لم تتناسب مع اقتصادٍ نجا من حربٍ طاحنة مثل سيارة بي إم دبليو 507 من عام 1956 بسعرٍ بلغ تسعةِ آلاف دولار أمريكي والتي تعادل في يومنا هذا ما يقارب التي 89 ألف دولار أمريكي وهو مبلغٌ ضخمٌ من المال!
الأمر الذي سبب بدخول الشركة بمأزقٍ حقيقي كاد أن يودي بها إلى الاستيلاء عليها من قبل غريمتها الكبرى دايملر بنز، وهنا كان الصناعي الألماني هيربرت كوندت بارقة الأمل للشركة التي ترزح تحت ضغط المصاعب المالية، من خلال زيادةِ حصته في الشركة ودعمها بالأموال.
خمسينيات القرن العشرين فترة التعافي
بي إم دبليو إزيتا السيارة القبيحة التي حققت أرباحاً هائلة
من السبعينات حتى الوقت الحالي التنافس المحموم مع مرسيدس بنز Benz :
عادت الشركة إلى مسارها الطبيعي في الاستقرار. وعادت إلى تصنيع السيارات الرياضية والفارهة، كان العام 1972 مولد الفئة الخامسة من بي إم دبليو أنتجت على مر السنوات كوكبةً من أجمل السيارات بدأ من الجيل الأول المتمثل ب إي 12 (E12) والمزودة بمحرك إم 10 رباعي الأسطوانات على شكل خطي، وعامود مرفقي مطروق لتحمل العزوم المطبقة عليه، بالإضافةِ لتزويده بأثقال لزيادة توازن المحرك، وعامود كامات مفرد يشغل صمامين لكل مكبس. في مجال الرياضة، تم تسمية طراز ال E28 M5 والمزود بمحرك بي إم دبليو M1 سداسي الأسطوانات وعامودي كامات يشغلان صمامين لكل مكبس. سيطرت هذه السيارات على حلبات السباق دون قدرة أي من مرسيدس بنز أو، أودي على منافسة هذه السيارة على حلبات, اكتسبت ال E28 M5 لقب (The King of the left side) أي ملك الطرف الأيسر. تعني كلمة M هنا ب (Motosport) أي النسخة الرياضية، وهو اللقب الذي اعتمدته الشركة المصنعة للنسخة الرياضية من سياراتها.
بي إم دبليو إي 12 السيارة التي أعلنت ولادة الفئة الخامسة
بالإضافةِ لطرازM5 E34 من عام 1998 المزود بمحرك S38 سداسي الأسطوانات بتنفس طبيعي بشكلٍ خطي يولد 255 حصاناً ويدفع السيارة لسرعاتٍ تبلغ 250 كيلومتر في الساعة. تم تزويد المحرك بعامودي كامات فوق رأس المحرك، بالإضافةِ ل 24 صمام لستةِ مكابس، ولا ننسى الابتكار العبقري في تصميم حدافة المحرك، حيث تم وضع حدافة مزدوجة الكتلة بدلاً من الحدافة التقليدية، الأمر الذي يساهم في زيادة قوة المحرك، وزيادة توازنه ويعتبر هذا الطراز من أجمل طرازات الفئة الخامسة وأكثره متعةً في القيادة بسبب الوزن الخفيف، السرعة الهائلة التي يقدمها المحرك، وعدم وجود أنظمة قيادة مساعدة فقط خبرة السائق وشجاعته! دخل هذا الطراز بمنافساتٍ ضارية مع طرازي 500E المزود بمحرك من 8 ثماني أسطوانات على شكل حرف V و332 حصان و E320 المزود بمحرك من ستِ أسطونات بشكلٍ خطي من طراز W124 مهيمناً بذلك على حلبات السباق، وحاصداً العديد من الجوائز.
سيارة بي إم دبليو M5 E34 التي تعتبر من أجمل طرازت ال M5 في عصرها
استمرت بي إم دبليو في تميزها وظهرت ال M5 E39 ولكن هذه المرة بمحرك M62 ثماني الأسطوانات تنفس طبيعي على شكل حرف V بسعةِ 4.4 لتر وعامودي كامات، فوق رأس المحرك يشغل كل عامود كامات صمامين لكل مكبسٍ، ونظام التأقيت المتغير للصمامات، بالإضافة لنظام ال Valve Tronic أو نظام حركة الصمامات، حيث يعمل هذا النظام على التحكم في حركة الصمامات والمقدار الذي يجب فيه فتحها، الأمر الذي يوفر الوقود ويرفع من أداء المحرك بشكلٍ جنوني.
يعتبر هذا الجيل من ال M5 من أحد أكثر الأجيال تطوراً، حيث تضمن نظم القيادة المساعدة مثل DSC (Dynamic Stability Control System) نظام التحكم في استقرار السيارة الديناميكي، الذي يسيطر على السيارة في حالة عدم توازنها، ونظام (Dynamic Traction Control System) DTC نظام التحكم الديناميكي في جر السيارة الذي يتحكم في قوة المحرك، حيث يعمل على تخفيض قوة المحرك، والحد من انزلاق السيارة. سحقت السيارة منافستيها من مرسيدس بنز، وأودي S6 بمحركها ثماني الأسطوانات بسعةِ 4.2 لتر.
تبدو نظرة الغضب على بي إم دبليو M5 E39 التي تعد من أجمل طرازات الفئة الخامسة
العام 2005، بي إم دبليو في أوج قوتها الاقتصادية إثر النجاح الساحق الذي حققه طراز M5 E39، أعلنت الشركة عن مسابقةِ تصميمٍ لطرازٍ حديث من الفئة الخامسة، يكسر نمطية التصميم ويقدم شيئاً جديداً مختلف عن الخصمين مرسيدس بنز وأودي تحت مسمى M5 E60.
جاء المصمم دايفد أركنجالي الذي صمم طرازاتٍ جميلةٍ لسياراتٍ أخرى مثل طراز 406 من سياراتِ بيجو الفرنسية بتصميمٍ يلبى تطلعات بي إم دبليو ، حيث تضمن التصميم جسم انسيابي وايرودينمايكي يمكن رؤيته في مواقع مختلفة من السيارة مثل تصميم الأضواء الأمامية، لم يكن من الممكن أن يتم تشكيل النموذج التجريبي منه بالطين بسبب الزوايا المائلة فيه، لذا تم تصميم النموذج من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد لأسطح الهيكل.
بالإضافةِ لتكنولوجيا متطورة تتضمن نظام i Drive للتحكم في وظائف السيارة الثانوية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPRS)، تشغيل نظام التبريد، التدفئة، والتهوئة داخل السيارة، وصولاً للأضواء التكيفية.
وتعني الأضواء التكيفية أن لمبة الإضاءة توضع داخل عدسة متحركة تتحرك وفقاً لزاوية عجلة القيادة، الأمر الذي يمكن السائق من الرؤية الصحيحة أثناء الإنعطافات، وبالأخص عند القيادة السريعة لمثل هذه السيارة، التي تتطلب الانتباه لأدق التفاصيل.
وهنا تأتي الفقرة الأهم والأكثر تميزاً في شرح هذه السيارة، عندما وصلت بي إم دبليو إلى قسم المحرك، كان الأمر الأكثر جدلاً بين طاقم العمل، حيث كان محرك ال V8 الذي تم وضعه في الجيل الرابع من ال M5 مبالغاً فيه، فماذا سيحدث لو تم وضع محرك بعشرِ أسطوانات! لم تكن توجد أي سيارة من نفس فئة ال M5 مزودة في هذا المحرك، لكن فعلت بي إم دبليو الأمر الجنوني وضعت محرك ال V10 تنفس طبيعي بسعةِ 5.7 لتر ولَّد قوةً وصلت إلى 500 حصان، حيث جعلت المنافسة بينها وبين أي سيارة من مرسيدس بنز أو أودي منتهية لصالحها، فقد حققت توقيتاً وصل إلى 7:55 دقيقة على حلبة نوربورجرنيج الألمانية التي تمتد على طول 20 كيلومتر من أصعب المنعطفات منتصرةً بذلك على مرسيدس E55 AMG التي حققت توقيتاً وصل إلى 8.88 دقيقة أي بفارق 58 ثانية عنها.
قدمت الشركة عدةِ أجيال من ال M5 ومن أحدث طرازات ال M5 هو ال F90 M5 المزود بمحرك ثماني الأسطوانات لكن مزود بشاحنين توربينيين هذه المرة، وبسعةِ 4.4 لتر، عامودي كامات، و32 صمام، بالإضافةِ لنظام التحكم في حركة الصمامات Valve Tronic ونظام تأقيت الصمامات المتغير VANOS. يعد هذا الطراز من الفئة الخامسة من أكثر الطرازات تطوراً سواءً كان بأنظمةِ القيادة المساعدة، أم بالتكنولوجيا الترفيهية داخل المقصورة التي تتضمن الشاشة الذكية الموجودة على مفتاح السيارة، أو تشغيل السيارة عن بعد بواسطة المفتاح الجديد كلياٍ.
المنافسة المحتدمة بين بي إم دبليو E30 M3 و مرسيدس بنز 190E:
شكل كلاً من بي إم دبليو M3 E30 ومرسيدس بنز 190E قصةً تنافسيةً وملحمية بين سياراتين مثلتا العراقة والعبقرية الألمانية في التصميم، لتأخذ مكانها المميز في قلوب عشاق السيارات.
بي إم دبليو في الوقت الحالي:
تسعى بي إم دبليو في الوقت الحالي للتوجه نحو الطاقة النظيفة بدلاً من استخدام محركات الاحتراق الداخلي التي تلوث البيئة من خلال نماذجها التي تعمل في الطاقة الكهربائية كلياً، مثل ix، i3، i3s كبديلٍ عن الوقود الأحفوري، حيث تعمل الشركة على تبنى أهداف الحركة المتسدامة من خلال سياراتٍ تدوم على المدى الطويل
بالإضافةِ لمبدأ التدوير المواد الزائدة والناتجة عن عملية الانتاج، وتعمل الشركة على تدوير المواد الصالحة للاستخدام السيارات للتخفيف من آثار الكربون الناجمة عن عملية التصنيع.
ووفقاً لموقع الشركة تعمل بي إم دبليو على تخفيض الانبعاثات تحت ال 200 مليون طن، بحلول العام 2030. وتعادل هذه الكمية 20 ضعف انبعاثات مدينة بتعداد المليون نسمة مثل مدينة ميونخ الألمانية.
وهنا نكون قد وصلنا لنهاية الرحلة بإمكان الركاب فك أحزمة الأمان، ونرجو أن تكونوا قد استمتعتم بهذه الرحلة الشيقة في مساحة وعي في تاريخ مصنع العربات البافارية!
شكل مصنع بي إم دبليو من الأعلى حيث يظهر على شكل أربعةِ صماماتٍ فوق بعضها البعض